Hope

Hope

16‏/12‏/2011

يوجد لدينا شاحن آيفون وبلاكبيري






مع التطور الملحوظ في عالم التكنولوجيا الحديثة التي إقتحمت أغلب البيوت في مجتمعنا والمجتمعات الأخرى ، ومع إستخدامها لكل من الصغير والكبير فلم تعد هنالك فئة عمرية محددهـ ..

إتّسعت فجوة العلاقات الإجتماعية وأصبح التجمع حاليا جسدياً فقط وعقولنا تبحر مع هذا الجهاز الذي بين أيدينا ؛ من آيباد وآيفون وبلاگبيري 

فتجد هذا الجهاز في كل إجتماع سواءا عائلي أم مع الأصدقاء أو حتى في العمل ، بل تعدى الأمر ليصبح فرداً من العائلة ، فنحن نهتم به طوال الوقت كما نهتم بأطفالنا . 

نكون دوماً بالجوار من الشاحن خشية أن يهلگ هذا الصغير فتضيع بزعم البعض لحظات مميزة من حياتنا ، 

لا تعجب عندما تأتيگ بطاقة دعوة لحضور زفاف ومكتوب في أسفلها ؛ "يوجد لدينا شاحن آيفون وبلاكبيري" !!! 

بل إن البعض قد يفرح بهذهـ الدعوهـ لأنه سوف يقضي وقتاً طويلاً مع عالمه الإفتراضي دون الخوف من نفاد البطارية ، وهو بذلگ قد ألغى العالم الحقيقي المحيط به .. 

يقول لي بعضهم بأنه أصبح يتمنى الآن أن تكون كل إشارات الرياض حمراء على عكس السابق لأنه يستمتع بقضاء وقت أطول مع جهازه الصغير ..

بل وصل الحال أيضاً في زيارات الأبناء لآبائهم ؛ هم ينتظرون هذه الساعة على أحر من الجمر لرؤية أبناءهم وأحفادهم وهو مشغول مع جهازهـ معللاً ذلگ ب" شغل ضروري" ، وهو في الحقيقة تجدهـ يدردش مع صديق له وقد غفل أو تغافل عن أنه بهذا الأسلوب قد قلل من إحترامه لوجود أبويه ..

ولا ننسى أيضاً الصغار؛  فلهم صولات وجولات مع أجهزتهم الذكية التي تارة يتباهون بها في المدارس بين أقرانهم وتارة أخرى تجدهـ مسترخياً في أحد المقاهي وتنطلق منه قهقات لها دوي في سائر المكان ، 

نعم ، فلقد شاهدتهم بأم عيني ، أطفال لم تتجاوز أعمارهم الثماني سنوات وبيد كل واحد منهم جهاز ذكي أجزم بأن بعض الكبار لا يستخدمونه ، ليس لقلة اليد ولكن لأنها لا تستهويهم إطلاقا .. 

قبل فترة كنت بصحبة أحد أبناء عمومتي في أحد المقاهي وبينما نحن نتكلم شد إنتباهي جهاز الجوال الذي معه ! فهو من نوع نوكيا القديم . فقلت له : أذكر أنكـ من أصحاب الآيفون !! فقال لي : نعم هو ما زال معي ولكن أتركه في البيت طول الوقت لأنه يسرق الوقت مني دوما ... 

عجباً !!  هل وصل بنا الحال أن تكون علاقتنا مع هذهـ الأجهزة أقوى من علاقتنا بمن حولنا من الأقارب والأصدقاء !! 

هل أصبحنا عبيداً لهذه الأجهزهـ التي لم نعد نستغني عنها في شتى أمور الحياه !! 

أتذكر تغريدة كتبها المبدع عبدالله المديفر عن علاقتنا مع الأجهزهـ الذكية حينما قال ؛ 

أنها تجمعنا فقط فيزيائياً وتفرقنا عاطفياً ...

02‏/12‏/2011

معاليه في تجربة مع الكرسي المتحركـ





في هذا اليومـ الذي يصادف اليوم العالمي للإعاقة ، يبدأ الحضور بالتزاحمـ في إنتظار صاحب القلب الكبير والذي يعطف على ذوي الإحتياجات الخاصة...

فكم من معاقٍ  إستمع لشكواهـ ونفذ مطالبه  !!!
وكم من الخيرات التي تفضل بها عليهمـ بعد الله -سبحانه وتعالى- !!

قد أمر معاليه سكرتيرهـ بالأمس أن يحضر له كرسياً متحركـ من أصحاب الصيدليات ، وحرص أشد الحرص أن يكون بأبخس الأثمان ، فصاحبنا لا يريد أن يتعالى على من حوله ويتباهى بكرسي باهظ ...

وفجأة وبينما الحضور يتهامسون بذكر أعماله الخيرية التي لا حصر لها دخل عليهم بكل سكينةٍ ووقار ، فيومٌ كهذا وحضورٌ غفير بمثل هذا الحضور يتوجب عليه أن يتبع بعض البروتوكولات المعينة التي قد تحسب لصالحه في المستقبل ...


بُدأ الحفل بآياتٍ كريمة من سورة الحجرات تلاها طفلٌ معاق قد حُمل مسبقاً على الأكتاف لأن منصة الحفل غير مهيأة لكرسيه المتحركـ ...

وعندما توقف عند هذهـ السورة ؛( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ )
، ذرفت عيناهـ ...  لأن هذهـ الآية لم يطبقها أغلبية المجتمع الذي يعيش فيه، فهو يعامل في مدرسته معاملة خاصة تملؤها الشفقة ممن هم حوله ، ونادراً ما يخرج من بيته لخوفه من تلك النظرات التي يرمقونها به ،
فهو لم يتجاوز الثانية عشر من العمر ولكنه عديم الثقة بنفسه لأن من حوله رسّخ هذهـ الفروقات بداخله فأصبح ضعيفاً أمامـ الجميع .

صفّق معاليه بكل حرارهـ وصفّق بعدها الحضور ، وإبتدأت كلمة معاليه التي إمتدت لنصف ساعة ...
فهو كما ذكرنا مسبقاً ، له  العديد من الأعمال الخيرية والبطولات الإنسانية ..

بعد ذلكـ ، نزل من على المنصة التي يفصلها عن سطح الأرض ٤ درجات . وأدنوا الكرسي المتحركـ منه لكي يجلس عليه صاحب المعالي بعد أن نفضوا غبارهـ وتأكدوا من خلوهـ من الجراثيمـ ..

وما إن جلس على الكرسي حتى حلّقت به ذاكرته إلى أيامـ الصبا حينما كان يلعب بتلكـ اللعبة التي لطالما كان يفضلها على بقية الألعاب المتوفرة لديه ، فجلس يحركه يمنة ويسرة على أرض ترابية ويلعب به لمدة لم تتجاوز الدقيقتين .. 

حينها فقط !!!  شعر بمعاناة المعاقين ومدى الصعوبات التي يواجهونها في كل يومـ ؛ من عدمـ تهيئة للبنية التحتية ، وإنعدامـ ثقافة وإحترامـ مواقف السيارات المخصصة لهمـ،  وتأجيلٍ لتفعيل مجلس المعاقين الأعلى، والكثير من الحقوق التي همّشت لسنوات طوال .

 فنادى على مساعدهـ لكي يعد خطابا رزيناً على الفور ، وورقةً لكي يكتب فيها.
وعندما صعد على المنصة بدأ بسرد بشاراتٍ للمعاقين وقراراتٍ سوف تغير من مجرى حياتهمـ .. 

فإبتهل الحضور ووقفوا جميعاً يصفقون بكل حرارة لمعاليه على هذهـ البادرة الإنسانية ، فلا غرو ..  فهو صاحب القلب الكبير ..

وابتدأت الفلاشات تسطع على وجه معاليه الناضر ، فالكل يريد أن يأخذ له صورهـ في هذا اليوم المشهود . غير أن معاليه يأبى أن يحوز هو لوحدهـ على أنظار الجميع ويتكرمـ بأخذ صورة بجانب الطفل المعاق التي لاحقا تتصدر جميع الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية .. 

وفي النهاية يغادر معاليه الحفل الذي أبهر فيه الحضور بحسن تعامله وشدة تواضعه،  مخلفاً وراءهـ كلاً من الطفل المعاق والكرسي المتحركـ الذي كان يلعب فيه ومسودة القرارت التي أعلن عنها مسبقا … 

فمعاليه يريدها لاحقا لهذا الحدث الكبير في السنة القادمة ...